زواج محكوم عليه بالاعدام
--------------------------------------------------------------------------------
سوف يشهد سجن الطائف خلال الأيام القادمة حدثا ربما يكون الأول من نوعه في العالم، حيث سيشهد السجن إتمام مراسم زفاف سجين محكوم عليه بالقصاص على كريمة آخر ينتظر تنفيذ حكم القصاص أيضا، ومن المقرر أن تسمح إدارة السجن للعروس بالخلوة مع زوجته 4 مرات شهريا، قبل أن يتم تنفيذ الحكم به.
بالطبع هذا ليس ملخصا لفيلم سينمائي يجري تصويره على الأراضي السعودية هذه الأيام، وإن كان من المتوقع أن تتحول هذه القصة لإحدى أبرز حلقات المسلسل السعودي الشهير "طاش ما طاش" العام القادم، وذلك بعد ما أثارته من جدل داخل المجتمع السعودي.
النهاية والبداية
دعونا أولا نعرف القصة، جرت العادة أن ينتظر المحكوم عليه بالقصاص تنفيذ الحكم به في قلق وخوف، باذلا أقصى مساعيه لأولياء الدم أن يعفوا عنه لوجه الله تعالى أو أن يقبلوا بالدية إن كان يستطيع جمعها، وفي كل الأحوال فهو يحرص على كل ما من شأنه أن يقربه إلى الله إبان هذه الفترة حتى يختم حياته راضيا مطمئنا.
"عوض الحارثي" لم يكن استثناء من المحكوم عليهم بالقصاص، إلا أنه كان يتميز عن الجميع بنظرته التفاؤلية للحياة، ففي الوقت الذي ينتظر فيه انتهاء حياته، فكر في أن يبدأ حياة زوجية جديدة، وأراد أن يتم نصف دينه قبل أن يغادر الدنيا، عسى أن يكرمه الله بذرية تحمل اسمه من بعده.
وخلال وجوده بالسجن في انتظار التصديق على حكم القصاص، نشأت صداقة بينه وبين سجين آخر يدعى "محمد علي الزهراني" وتوطدت علاقتهما وعرف كل منهما كل شيء عن الآخر، وعرف عوض من الزهراني أن لديه ابنة في عمر الزواج، وأبدى رغبته في الاقتران بها.
ولكن يبدو أن أكثر الناس إحساسا بالمرء هو من يقع في المشكلة نفسها، لذا لم تكن موافقة أبي العروس على طلب زميله بالأمر الصعب، بل وعده أن يزكيه لدى ابنته.
عرض الزهراني الأمر على ابنته خلال إحدى زياراتها له وأثنى على العريس، ترددت الفتاة في القبول وأخذت مهلة للتفكير، فبذل الرجل مساعيه لدى ابنته مشيدا بطيبة وحُسن أخلاق العريس، فلم يطل تفكير البنت حتى اقتنعت بالعريس الذي رشحه والدها، وللعلم فإن البنت في السادسة عشرة من عمرها وتدرس في المرحلة المتوسطة.
100 ألف ريال
وبالفعل تمت مراسم عقد القران بين والد الفتاة والعريس في سجن الطائف يوم الأحد 7-10-2007، حيث استدعت إدارة سجن الطائف المأذون الشرعي الشيخ سلطان بن سعد القثامي، وعاش النزلاء لحظات سعيدة ومباركة عند توقيع عقد الزواج، وتم الاتفاق على إكمال مراسم الفرح بعد عيد الفطر المبارك.
المأذون الشرعي الشيخ سلطان القثامي أعرب عن سعادته بعقد هذا القران الأول من نوعه، مشيرا إلى أنه كان في مكة المكرمة وبعد أن أبلغ بالموضوع توجه على الفور إلى سجن الطائف من أجل المساهمة في إسعاد العريس - المحكوم عليه بالقصاص - ومن أجل فعل الخير.
ولأن عقد القران كان غير عادي فلا بد أن يحتوي شروطا استثنائية، القثامي أكد أنه حدد في العقد مهرا مقدما وآخر مؤخرا إضافة إلى مبلغ 100 ألف ريال يدفعه العريس إلى زوجته في حال تنفيذ حكم القصاص مستقبلا.
عش الزوجية
وبعد أن تم عقد القران، كان من المفترض تدبير أمر عش الزوجية، مصدر مسئول في سجن الطائف العام أكد في تصريح لجريدة عكاظ أنه يتوفر في السجن مكان لخلوة الزوجين.
وأوضح أن هناك أنظمة تسمح لهما بلقاء بعضهما في الشهر الواحد من مرة واحدة إلى مرتين، أما في موضوع العريس الجديد عوض الحارثي فهناك محاولات لمضاعفة العدد لكي يتمكن من لقاء زوجته أربع مرات شهريا.
وأكد المصدر أيضا أن إدارة السجن ستسمح بإقامة حفل زفاف مصغر يجمع السجين وزملاءه داخل السجن بعد العيد.
فرحة وأمل
العريس وهو من سكان منطقة الحوية شمال الطائف لم تسعه الفرحة بعد عقد قرانه على كريمة زميله في السجن، لذا فقد أقام داخل السجن حفلا مصغرا بمناسبة عقد القران الأحد الماضي.
وبيّن أنه سيتم إقامة حفل آخر -إن شاء الله- بمناسبة الزواج داخل السجن بالإضافة إلى حفل ستقيمه عائلته خارج السجن في أحد قصور الأفراح بالمحافظة، يتم بعده إدخال العروس إلى موقع الخلوة حيث ستكون ليلة الدخلة (البناء) داخل السجن.
وعلى الرغم من سعادة الحارثي بالزواج، فإنه لم ينس قط أنه في انتظار حكم القصاص، مشيرا إلى أنه دخل السجن قبل سنوات بعد أن أغواه الشيطان ودفعه لارتكاب جريمة قتل وصدر بحقه حكم بالقصاص.. ولا يزال ينتظر تصديق الحكم.
وحول المدة التي تبقت على تنفيذ الحكم قال: إن أصغر القصّر تبقى لبلوغه نحو 3 سنوات.
وناشد العريس ذوي القتيل بهذه المناسبة العفو عنه لوجه الله تعالى عسى أن يجعل ذلك في موازين أعمالهم وأعمال القتيل، رحمه الله.
جدل
وبعيدا عن أمر القصاص، وإن كان أولياؤه سيعفون أو يطلبون الدية، فقد تعددت التفسيرات والتكهنات حول السبب في هذا الزواج الغريب، وأثارت القصة التي نشرتها جريدة عكاظ السعودية على عدة أعداد جدلا واسعا في المجتمع السعودي بين مؤيد للزواج على أمل أن يكون فاتحة خير تجعل أولياء الدم يعفون عن العريس، وبين معارض له ومستغرب من رجل يزوج ابنته الصغيرة في السن وهو يعلم أنها ستترمل بعد سنوات؟ متسائلين عن مصيرها بعد ذلك، وهل من حقه ذلك أم لا؟ وما مصير الأزواج؟ وما ذنب أطفال يصلون للدنيا أيتاما؟.
والد العروس أجاب عن هذه التساؤلات بقوله: "إن الأعمار بيد الله ولا أحد يضمن العمر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال في حديث شريف: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه).. والعريس عوض يتمتع بأخلاق فاضلة، وهو شاب متدين ودخل السجن إثر نزوة شيطان".
وعن مصير ابنته في حال تنفيذ الحكم قال: إذا تم تنفيذ القصاص في زوج ابنتي فستبقى مع أمه لترعاها.
ومن جهته أكد العريس أن مبلغ الـ100 ألف ريال الذي وضعه في عقد القران سيكون لتأمين مستقبل زوجته في حال تنفيذ الحكم.
إدعوا له أن يفرج الله عنه